الأحد، 2 يوليو 2006

عمارة يعقوبيان - الهوجه

قرأت رواية عمارة يعقوبيان منذ عدة سنوات عندما نشرت وبعد ان قرأتها ، قمت باعارتها لاحد الاصدقاء واخبرته اننى لا اريدها مرة اخرى. ولم اكن بالفعل اريدها ولا اريد ان اتذكرها على الرغم من اننى لم استطع التوقف عن قرائتها الا عند النهاية ...ولأننى لم اكن اريد ان اشعر بالكآبة مرة اخرى خاصة فى هذه الايام السلبية بما فيه الكفاية.. لم اكن اريد ايضا ان اشاهد الفيلم.. وربما ايضا بسبب كل هذه الضجة المبالغ فيها وكأن الفيلم اعجوبة جديدة فى بلد انتهت فيه العجائب الحقيقية.
ولم استطع ان اقاوم الحشود التى تتهافت لرؤية الفيلم .. وذهبت امس.. وجدنا مقعدين بالكاد فى اول صف من الشاشة. لازلت احس بالصفعة على وجهى.. والاكتئاب يملآنى وبالرغبة فى الهروب او فقط ترك كل شئ والبدء من جديد فى اى مكان اخر... فيلم فى منتهى السلبية وبلا هدف ... واتعجب لرؤية العديد من الشباب يمجدون الفيلم .. ويرونه صفعة على وجه المجتمع المصرى وفرصة لكى يستيقظ من غيبوبته.. وتعرية الفساد..وان الفيلم او الفنان بوجه عام ليس من واجبه او دوره ان يقدم حلولا وانما هو يعكس الواقع بكل تفاصيله حتى الكريهة منها.
ومن باب الاعتراف بالحق فان الفيلم رائع فى الاخراج والانتاج والتمثيل حقيقة.. والانتقال من شخصية لاخرى فى شكل موزون وبلا اى ملل طوال الفيلم.. تماما مثل الرواية.
ولكنك تشاهد الفيلم مع ذبذبات من الالم داخلك واحيانا برغبة فى البكاء. وتزداد الذبذبات رويدا رويدا حتى تخترق طبلة اذنك.. وتنتهى بخروجك من السينما وراسك فى الارض وقلبك تغشاه سحابة من الحزن والارف.. ولو السفارات مفتوحة فى هذا الوقت ربما كنت ذهبت وقدمت طلب الهجرة اللى نفسى فيه.
هل تمثيل الواقع يقتصر على السلبيات واسود ما فيه فقط
هل مصر والعالم العربى تحتاج لمثل هذا الفيم ليمثلها دوليا وعالميا
هل لو انا واحدة اجنبيه وشاهدت الفيلم.. بغض النظر عن الفن والحبكة السينمائية - ما هى الاحاسيس التى ستنتابنى تجاه هذه البلاد؟ والتى بالفعل لدى تصور مسبق عنها وعن تخلفها والارهاب والذى منه. وما هى الصورة التى سترسم فى ذهنى لاهلها.
هل هذا هو الوقت المناسب لهذا الفيلم؟ وما هو الهدف منه... تفتيح عيوننا على الفساد... ما هى مفتوحة ومفنجلة
ايه الجديد.. مزيد من الاحباط والاكتئاب والاحساس انه مفيش فايدة
وهل مصر صحيح وحشة اوى اوى كده .. مفيش حاجة حلوة ابدا... كل البلد يمثلها اربعة نماذج لا يوجد منها مثل واحد ايجابى ولا حتى طبيعى...
انا حزينة ومكتئبة... ومش عاوزة اشتغل.. ومش عاوزة اتكلم.. ومش عاوزة اقعد فى مصر .. عاوزة امشى .. اهاجر.. انتمى بالعافية لاى بلد تانية... ميكونش كل الناس اللى فيها بيكرههوها ويحتقروها.. او شايفنها صفيحة زبالة... وممكن اركب فيها عربية جديدة من غير ما انتحر اقساط... ويبقى عندى 30 سنة من غير ما احس ان الناس كلها فى عينيها نظرة تعجب على شفقة على فضول... والناس فيها يكونوا بيشتغلوا بضمير.. وبيلعبوا بضمير.. وحياة الانسان الخاصة بتاعتة... مش بتاعة زمايله فى الشغل.. وطنط فتحية.. والبواب.. ومحمود اللى بيمسح العربية
ويكون يارب فيها رجالة .. مش واطيين ولا متجوزين ولا مجانين...
يارب فئة مختلفة ارجوك...
واسكن فى حتة نظيفة... لا يوجد بها اطفال شياطين يكتبون اسمائهم على السيارات بالمسامير
ولا جبران يصرخون ليلا ونهارا
وغرفة بها سرير واحد ودولاب ... مش عشرين دولاب فيهم هدوم من 40 سنة
اريد ان اصل الى عملى مرة واحدة دون ان اشعر اننى اقود سيارتى فى مدينة ملاهى او حديقة حيوانات مفتوحة
انا منذ مدة لم اعد اشعر بالالوان ولا الفضول ولا الفرحة . لا شئ يثير اهتمامى او رغبتى فى الكلام او حتى التفكير..
ولذلك كرهت هذا الفيلم
لاننى خرجت منه فى حالة اسوأ بكثير بلا حل.. وبلا امل.. وبلا رغبة الا عمقا اخر للهروب... ولا اعتقد ان هذا هو هدف الفن ... ليس على الاقل الفن الذى نحتاجه الآن.