الجمعة، 10 أكتوبر 2014

اصبحت فى الآونه الاخيره اكثر جهوزيه لطاقه هجوميه وعدوانيه معده للانفجار فى الوقت الأنسب.


الجهوزيه هىً السمت الاحدث..الطاقه المعبأهً تحت الجلد للانفجار على ما اعتقد موجوده وتتنامى ربما منذ ولدت...قد تمر بلحظات قصيره من الكمون واحيانا الانكماش 


االمتعه تتأرج طوال الوقت..تفوق الألم فقط بسنتيمترات..او تساويه.. فتؤجل قرار الانهيار دون ان تمنح الفرصه  لهزيمة الألم حقيقة..اللون الرمادى..حاله بين البينين...العادى...اللطيف..كل الكلمات الوسطيه التى تتركك بلا إنطباع....على رصيف المنتصف دون وصول لأى من الجوانب 


 


المشهد الاول


 بدأت القراءه مبكرا جدا وربما لذلك توقفت مبكرا ايضا.  كان الأب وانا لا زلت بعد فى الخامسه يقود لتوزيعنا على مدارسنا وكانت مدرستى الأبعد...كانت لحظات من الذهب الخالص .. تلك كانت ايام المجد للجرائد.. كان يبتاع جميعها ويقرئها كلها ولا أعلم من أين كان يأتى بالصبر.. كان الأب  يعطينى الحزمه كلها لأقرأ العناوين الرئيسيه ويصلح من قراءتى ويشرح لى ما تعقد من الكلمات كل يوم فى طريقنا الى المدرسه.


فى الصف الثانى الابتدائى،  اهدانى كتابى الاول" ٢٠٠ يوم حول العالم" وكانت سنه الاحلام..كنت انتقل حول العالم كل يوم مئات المرات وانا التى أقصى حدودها جدران الغرفه المشتركة ...لم اكن اتوقف عن القراءه حرفيا.. ثم ادمنت فى سن مبكر جنبا إلى جنب مع عبد الحميد جوده السحار ونجيب واحسان وادريس وغيرهم...رجل المستحيل ادهم صبرى.. نعم قراءة تتنافى مع ذوق الأدب ..أعلم


 ....كان ادهم بالنسبه لى الحلم -لا تضحك من فضلك ...كان الرجل والانسان الكامل ، بل اننى ظللت سنوات طويله ابحث عن قسمات وجهه المرسوم بعنايه فى رجل للحب.كات شريفا يمتلئ بحس السخريه.. يحب "منى" حب عذرى شريف...لا يهزمه احد  وبما بدا انه بسهوله تامه..ادهم ايضا جعلنى احب مصر.. وعلمنى "اذهبوا الى الجحيم جميعا" كنت دائما اتخيل اننى العميله اكس التى يقابلها ادهم بالصدفه ويدربها وتركل معه يمينا ويساراوتهزم معه سونيا وجميع الاعداء..الامر كان حقيقة يبدوا سهلا ومتاحا ومسليا..ادهم كان فى حقيبتى...وبين صفحات كتاب الجغرافيا ..ومخبأ فى بنطالى..وكنت احفظ صفحات كامله كما هى.


ثم أصابته سنه الحياه ومللت وصدمت بعد ان فقد الذاكره وتزوج سونيا اليهوديه واصبحت الحلقه ٥ اجزاء كبيره ممله..بثروه صغيره وبلا داعى..ضاع الإنبهار فى مواجهة الملل والمادة،  واتجهت الى روايات عبير فى اول الجامعه والرومانسيه المكررة الممله والتى تبدو دائما رغما عن ذلك مشوقة،  وبوتقه اخرى من الأحلام ليأخذنى المنعطف لطرق جديده .....ولكن ظل ادهم فى قلبى وصورته على ظهر الغلاف محفوره فى نقطه ما غير ملموسه داخلى..ظلت تلك النزعة البطولية داخلى..اننى خلقت لأكون شجاعة..أهزم التحديات..أصرع الأشرار..وأظل انا فى منتهى الطيبة والشرف..


 


 المشهد الثانى

كنت فى مقتبل حياة العمل..وظيفة بلا معنى عند أحد مشاهير المجتمع...أعمل ساعتين...وأظل ساعات طويلة بلا شئ..احترفت قضم اظافرى وكل برامج المحادثات..الغرباء ومعرفتهم كان كنزا معرفيا بالحياة لا ينضب..

احمد النمر ...كانت رسالته الاولى على برنامج محادثه شهير "تتجوزينى". روايات عبير المتماثله تماما فى بداياتها ونهايتها كانت تسيطر على اللاوعى اللعين..رحلة البحث عن حب وزوج كانت بدأت أيضا بعد فترة من التحضير فى الجامعة...قابلته... اعتقد اننى اول مره ارى احمد، كدت اصاب بصدمه قلبيه، كان صوره طبق الاصل منً ادهم.. انفه المستقيم.. وجهه المربع..ملامحه الدقيقه.. العينين اللامعتين ولفرحى وسعادتى كان ايضا فارع الطول...اخذنا الكوربه وشوارعها الجميله سيرا جيئه وذهابا...اخبرنى عن والده اللواء الذى اجبره على دخول الكليه العسكريه... نعم كان عسكريا ايضا.. كانت الصدف اكبر من ان لا تكون قدرا...

عرف اننى جئت بسيارتى الصغيرة.. لم يكن لديه سياره ...طلب منى ان آخذه فى جوله...لأنه يحتاج للهرب..

يدهشنى دائما كيف ان الانسان يمكن ان يفتقد تماما للحاسه السادسة او كلهم مجتمعين...واعتبر من يستطيعون قراءه الامور مبكرا اشخاص فوق النكهه البشرية وأرفع لهم القبعة دائما..

. خلال ١٥ دقيقه اخبرنى النمر انه يبحث عن سيده غنيه ليتزوجها ويتحرر من سيطره والده..كان يائسا ..بائسا بشكل مزرى..وكان فاشلا جدا ومتمتع بعرض بؤسه الى درجه تثير الغثيان جعلنى اقود السياره لساعتين فى لفات كامله لانه كان يحتاج للتفكير والهروب..

..كان اللقاء الاول ايها الفاشل...ألم يكن بإمكانك التمثيل لعدة ساعات...لم ارى او اتكلم مع احمد ابدا مره اخرى.



 المشهد الثالث

كان لقائنا الأول بعد اسابيع من الانفصال ...كانت المره السابعه بعد الألف ربما التى اتركه او يتركنى .. وكل مرة تزداد حدة الانفصال قسوة...وكأن كل ابتعاد يزيد من الفجوة السوداء بيننا...الحياه معه كانت مستحيله والحياه بعيده عنه كانت خاليه من شئ ما يشبه الخدر اللطيف الذى يجعل كل شئ محتملا...

فى ذلك اليوم..كان هادئا جدا ووديعا على غير العادة، وكنت على وشك السفر بعد عده ايام ...الوقت كان مناسبا للحب الهادئ ...ووداع لطيف...لا استطيع فعليا حتى اللحظه ورغم مرور سنوات ان اراجع تفاصيل ما حدث.

كنا نتبادل الحب...ثم فجأة سألنى فى لطف عن احد أصدقاءه..داعب شعرى كعادته ثم فى ثوان كان يقرأ رسائلى ...

لم أكن من المؤمنين بتبادل كلمات السر مع الأحبة والأزواج...توجد بعض الأمور لابد ان تظل خاصة....كوقتك الخاص فى الحمام مثلا...

ولكننى صمت.. فى رعب..كنت كطفلة صغيرة مهتزة... بمجرد اتهامها بشئ تشعر انها فعلته بالفعل الى درجه الحقيقة...

"كل انسان لديه خطة حتى اللكمة الأولى فى الًوجه"

انهارت خطتى مع الصفعة الاولى...ثم الثالثة والرابعه والمائة...لم اتحول الى عميلة المخابرات ..ولا كنت بطلة...ولااستعنت بأى من آلاف الصفحات التخيلية التى قرأتها...لم أكن شيئا

مرت دقائق حتى استوعبت عشرات الصفعات على وجهى وأكتشفت انها حقيقية بالفعل...ثم مرت ساعات اخرى ما بين تحول   ما أمامى الى شئ معتم مهتز وبين تمنى فقط ان ينتهى الأمر..بعض الثوان اتخيل تحت مزيد من الركلات اننى مت

وأنهم سيجدون جسدى المهترئ فى طريق مجهول..ولن يعلم احد ما حدث أبدا

او ربما ينتقم منى فيلقى بى عارية..ثم افكر فى العار..ثم افكر اننى سأكون ميتة ولن اشعر..ولكن كيف سيكون أبى ...

ثم تنتهى الأفكار على رثاء القلب..وكيف طاوعه قلبه على ذلك..بعد ان كان يقبلنى منذلحظات ونفكر فى مستقبل أطفالنا.

وتنغلق الدائرة على صفعة أقوى تكتم أفكارى فى ثقب اسود من اللاوعى.. ثم استعيده مرة أخرى وأشغل نفسى بنفس الأفكار من جديد على أمل ان ينتهى الأمر..بأى طريقة

لا اعرف كم من الساعات مر..كل ما أعلمه اننى اعترفت بكل ما لم افعله وكل ما فعلته..كل ما كان يريد ان يسمعه..وسمت نفسى بكل الأوصاف....كنت خائفة من المقاومة ..حاولت ان أدفعه او ان أهرب ..فشلت..ثم أستسلمت.كنت فقط اريد ان أنجو وكان ذلك أسوأ ما فى الأمر

...ان تنهزم امام نفسك

ان تدرك حقيقتك

ان تكتشف ضعفك فى اللحظات الفاصلة وان تكون مفاجأة..


 ..هل تعلم عن تلك الآلاف المؤلفه من الثوانى واللحظات التى تكونك وتعد وعيك وتعطيك مفهوما ما عن نفسك فى المستقبل ...توهمك انك ستكون طبيبا ناجحا......انك ستكونى زوجه لا يشق لها غبار....انك ستقتل من يقف فى طريقك ....انك رائع وكريم  وسترقص تانجو دون تعلم لان الامر يبدو سهلا للغايه


انك ستذهب غدا إلى مديرك الغبى وستخبره أنه غبى وتلقى بإستقالتك فى وجهه وتغادر دون النظر إلى الوراء منتصرا ساخرا من الحياة..

كل تلك ياصديقى ترهات..ترهات

انت فى الواقع غالبا ما تكون شيئا آخر..ذلك ان جل خبرتنا لا تعدو صفحات مكتوبة واحلام يقظة..

المزعج حقا ان تكتشف ذلك فى الوقت الخطأ الذى تحتاج فيه الى بطلك الكارتونى اكثر من الحياة..


نجوت بعد يوم كامل بكل حيواتى فى هذا العالم وغيره..نجوت ورحلت استعدت قدرتى على السير سريعا بعد إصابات جسدية قابلة للإلتئام

ولكن هل نجوت حقا..هل شفيت حقا...هل بعد عدة سنوات لن ارتكب جريمة ما غير مبررة فى لحظة جنون وقتى ويأتى المحللون لينبشوا ماضى ويكتشفوا السبب المدفون فى العمق هنا

هل سيأتى يوم أكتشف اننى حولت اولادى الى مرضى انعاكسا  غير مرئى لتلك الساعات

هل سيزول تلك البقعة السوداء من القهر والحزن أبدا

هل يمحى الماضى 

هل نحن نتحكم بسعادتنا فعلا

هل يمكنك إجبار عقلك على النسيان الابدى وكأن شيئا لم يكن

هل ساعات قصيرة تفسد عمرا بأكمله 

 


هناك 7 تعليقات:

غير معرف يقول...

Welcome back

غير معرف يقول...

any new posts?

Tigress يقول...

Meen henak

غير معرف يقول...

كتابة سرمدية الهوى، تخلط الأحاسيس بمشاعر التوق إلى الماضي والذكريات بمسحة من الشجن ثم تصفعنا بمرارة الواقع بصفعات متتالية ولكمات في اكثر من موضع

ثم تعود الى قواعد الانسان في التفكير النقدي الذي يبقي على الشخصية النبيلة داخلنا "أهزم التحديات..أصرع الأشرار..وأظل انا فى منتهى الطيبة والشرف.."

حسن ارابيسك يقول...

بعد الواحدة والنصف من منصف الليل
أعددت فنجان من القهوة ( على الريحه)
وأشعلت سيجارتي المفضلة بلاك ستوت بنكهة الشيري
وعلى الخلفية الموسيقية لمدونتي
فتحت مدونتك وقرأت :
ساعتين من الفراغ
غاضبة
رفيق السماء
مفيش عنوان دلوقتي
هذه رحلتي العاشرة
المشهد الأول والمشهد الثاني والثالث

الفضفضة دائماً لديكي ليست عبر حروف الكي بورد ولكن عبر عصب العقل ودفاتره العاصية على الإحتراق وعبر عصب القلب وإنتفاضاته المهلكة وعبر عصب الجسد ووصوت ذاكرته المرتعش


تحياتي
حسن أرابيسك

Tigress يقول...

سرمدية الهواء:) الرائحة الطيبة تلك..مرت بى آنفا
يا مرحبا

Tigress يقول...

يا اهلا :)
طيب دى حاجة كويسة ولا وحشة
ومش شايف ان الجرعه كدة كبيرة وغير متسقة!