الاثنين، 8 ديسمبر 2008

المخاض الاول



يؤسفنى الآن فى وقت لا ينفع فيه الاسف اننى لم اكن موجودة لحظة مخاضى الاول... كما عادتى دائما فى الغياب عن معظم الاحداث الجسام فى حياتى ، اما لاننى لا ادرك ابدا مدى اهميتها الا بعد فوات الاوان او هو هروب اخر من الضغط ابتاع لنفسى فيه دقائق زائدة من الصبر والقوة

نشرت لى قصة قصيرة فى كتاب ضمن مجموعة من القصص القصيرة الاخرى لبعض الاصدقاء.. ويباع الآن فى المكتبات الكبرى .. اه والله " السابعة والنصف .. مساء الاربعاء" دعونى ابلغكم انه على الرغم من ان الكتابة هى الشئ الوحيد الذى عندما يتوقف اشعر بأن قطع صغيرة من روحى تتآكل وتضمحل وتختفى حتى اكاد افقد نفسى... الا اننى لم اطمع ابدا فى يقرأنى احد .. ولم احلم ابدا بان اكتب وتتحول كلماتى الى مداد اسود حقيقى ونسخ مطبوعة ووتعرض فى اسواق الكتابة وتباع وتشترى ..وبأتى احدهم وبسألنى بتوجس ان اوقع له على كتاب بقلمى او يهتم احد بسماع كبف بدأت رحلتى التافهه مع الحياة وكيف اراها تنتهى، ولا احتمل ابدا ان بنتقدنى احد او يهاجم وجهة نظرى فى الانوثة والطفولة ومصر والحب .... كل طموحاتى او دعونى اقول ما كان يجلب لى السعادة هو ان احس واتمكن من نقل احساسى الى كلمات بدلا من فوران واعاصير مختنقة داخلى تهز كيانى وتفتت رأسى ........واذا صادف وكتبت بصورة ادبية رائقة اكون اكثر سعادة....... واذا علمت ان انسان ما قرأ تلك الكلمات وحركت شيئا ما فى نفسه او عمقه...... او ربما تمكنت من ايصال شعورى المعتم المعقد الى بشرى اخرى، ذلك يصبح اروع ما فى الامر ... وعلى العكس كلما عرفت اننى اكتب وسوف اعرض كلماتى للقراءة..... .. كلما فقدت الكتابة متعتها من قوة ادراكى ووعى اننى اكتب لتتم قراءتى .. وتعريتى... وتركى فى الخلاء بلا ساتر .. واننى لابد ان اتوخى الحذر والحيطة واختار كلماتى واحاسيسى .... واسلوبى وبدايتى ونهايتى واحدد مدى جنونى وخطوط احتمالاتى....اى متعة فى الكتابة الموجهة..؟؟؟؟اى متعة فى كل هذا الوعى الهادم...؟؟؟

ولذا ربما لم اعد اكتب كثيرا او انشر ما اكتبه على الاقل هنا او هناك .. احتفظ بأكثر الجمل والكلمات فى رأسى حتى يتناساها عقلى

ورغما عن ذلك اخبرونى اننى يمكن ان ارشح نفسى فى ورشة للكتابة قد تنتهى بنشر اعمالنا .. فأشتركت... وكانت حادثتى الشهير فذهبت ربما مرتين ... وفى اخر اسبوع بعد ربما 9 اشهر ... سلمتهم قصة قصيرة انهيتها فى ثلاثة ساعات .. كنت كتبت اجزاء منها متفرقة من قبل ولم يكن لدى وقت ولا طاقة ابداعية لأبدأ غيرها.... ونسيت ... نسيت .. سمعت انهم يضعون تصميما لغلاف الكتاب.. سمعت انهم يريدوننى ان اوقع عقدا.... سمعت ان الكتاب انتهى.. سمعت ان الكتاب سينشر .... ولم اشعر بشى.ولم تأتنى اى رغبة لاشارك او اتابع او اسأل ..... وكأن ما يجرى، يجرى فى فيلم لست انا حتى فى الكومبارس خاصته....

ولكنهم اخبرونى ان الكتاب الآن فى المكتبة .. كنت عائدة من العين السخنة... تركت صديقتى وعلى الرغم من ارهاقى اكملت الى المعادى.. ومكتبة الكتب خان ورأيته بعينى رأسى.. وساعتها احسست بشئ ما لا استطيع وصفه.. ربما نفس احساسى عندما نجحت فى الثانوية العامة او فى خطبتى الاولى.... السعادة الصافية التى لا يشوبها شئ .. لا شئ على الاطلاق .. تذكرت ابى .. تمنيت لو كنت كتبت اسمه كاملا ولكنها غلطتى لأننى لم ابالى من قبل. .لم اصدقـ او لم اعلق على الامر اهمية .. حتى رأيته .. ولحظتها ندمت .. ندمت على اننى لم استمتع بكل لحظة حتى استقراره على ذلك الرف... ندمت لاننى لم اكتب شيئا اروع واروع.. ندمت على اننى لم اكتب اكثر .. ندمت على اننى لم اتبع نصحية صديقى مراد الذى كان يريد ان يدفعنى دفعا للنشر .... ندمت لاننى لم ادع لنفسى الفرصة للاحساس بهذه النشوة والسعادة من قبل فى كل مراحلها...

احيانا نضيع لحظات الحياة الثمينة جدا.. ننسى ان الوقت لا يكرر ولا يعاد، وننشغل تحت وهم اننا فى خضم صنع الحياة بينما اروع ما فيها ينفلت من بين اصابعنا... ما اجهلنا بالحياة ....

اهدى اليكم مخاضى الاول الصغير المتواضع والذى قبلت بمنتهى الجهل ان يكون قيصريا وان اقضى اهم اللحظات وانا تحت التخدير الكلى بمحض ارادتى



الأربعاء، 16 يوليو 2008

ما بين تخيل حضنك والوعى بإستحالة الحدوث.. تتخلق فجوة كبيرة مباغتة مظلمة من الالم الكامل المميز... يضفى على كل الاشياء لونا رماديا احادى قمئ

الجمعة، 11 يوليو 2008

بصقة فى وجه الحياة

من قصة بصقة فى وجه الحياة... لفؤاد التكرلى... (على فكرة اروع ما فيها عنوانها) - شكرا د. عادل

"قبيل الفجر، حين تتلاشى الانسانية ولا يعود البشر الا اشباحا وصورا فى ذهنى، اجلس فى فراشى دون رفيق غير نسائم رقيقة باردة وغير بعض النجوم الصافية النور، افكر فى بضع امور سوداء هى كل ما تبقى فى من حياتى.

ما هى حريتى الانسانية؟؟
أهى نزولى من السطح صباحا؟؟ اهى تناولى ما أشاء من الطعام؟؟؟ اهى عملى ما اريد دون حساب للاخرين؟؟ اهى الذهن المتسع؟؟ اهى الايمان العميق بما يصل اليه الفكر؟ اهى الموت؟؟
آه هذة الحرية ، اهى موجودة حقا؟؟

هل افتش عنها اكثر فى اعماقى الدفينة؟؟؟
اتى اخاف احيانا . اخاف ان نبشت قيعان نفسى المظلمة ان اجد الله فإذا بكيانى كله زيف وفراغ، اخاف الا اجدشيئا فلا يبقى امامى الا الانتحار""

الاثنين، 7 يناير 2008

7een maysara- movie spoiler

صرخت.. انا حامل..مش عاوزة منك حاجة. اتجوزنى وبعدين طلقنى
لم يكن لديه وقت للتفكير.. ولم يتبقى الكثير من المشاعر لديه للحب والكلام اللى بيقولوه عليه ده... كان يرتاح معها .. ينام معها... يحلم معها انه يوما ما سيخرج من تلك المتاهة... كان يريدها ولكنه يرى فى خلفيتها التسع عيال الذى يجمع وجبتهم الوحيدة احيانا من زبالة الناس التى تتناول وجبة تسمى العشاء.
اجابها بصوت حاسم... حين ميسرة...
يعنى ايه؟
... يعنى عقبال متولدى بقى معايا فلوس هتجوزك ... محصلش يبقى معرفكيش
..ولا اعرف اللى فى بطنك....منتهى البساطة ....
هل تخيلت نفسك مرة تعيش فى بيت من الصفيح والخشب وكل ما يمكن ان يصنع حائط او باب او سلم ، الحياة بالنسبة لك اى عمل يؤمن لك ومن تعول رغيف عيش واى غموس..
هو لم يجد عمل...... اخته جوزها قتلها...وانضم اولادها تحت عاتقه ..هو الذى لا يجد قوت يومه هو شخصيا. عادى حدث بسيط فى تلك المنطقة العشوائية التى تحتضن النار داخلها.. تحتضن الجهل.. وما تحت مستوى الفقر والحاجة .. خلت من اساسيات الاحتياج الانسانى .. لا يوجد شئ.. نقضى يومنا على القهوة نشرب شكك.. ونلقى القفشات لنهون من ذل اليوم.. نخرج الى الشارع لنواجه الظلم المتمثل فى وجود الشمس ودفئها .. والهواء النظيف والطعام والفلوس ولكن لبشر اخرين...
حاول ان يدخل فى خضم الحياة...تعب من الجوع ..من كراهية كل شئ بدلا من انتظاره والرغبة فيه، خد كام قرش حشيش ، قرر المتاجرة فيهم بين جيرانه، حيث الحشيش مناسب تماما لتنميل احاسيسهم والغلوشة على الجوع والفقر والظلم.... وخاصة بعد ان اصبحوا مخبأ مناسب للمجرمين وتفريخ اولاد الحرام واولاد الشوارع والارهاب احيانا... وبالتالى اصبحوا ايضا ضحايا سهلة للشرطة وهدف اول بعد حدوث اى جريمة او حين الحاجة لسبق امنى اوحتى فقط ملئ الفراغ..... وللسخرية، ومن مرارة الحياة وبحثا عن اى شئ يخفف من مرارتها شرب عادل هو وجيرانه ممن تقاسموا معه نفس المرارة كل الحشيش..
فى مشهد رائع يجسد تلك اللحظة المريرة حين تقصم الحاجة الظهر وتحول الانسان الى وحش منفى عنه صفة الادمية ويبدأ طريق بلا رجعة غالبا.... عادل ينظر الى امه وهو يعرف الى اين يذهب ولا يعرف كيف يدير الدفة .. يقف بينها وبين مسرحيتها المفضلة.. وهى تضحك وتنذره الا يغير المحطة.. ثم ترى ما يراه عادل نفسه .... يكبل يدها وهى تقاوم ....يسحب منها اسورتها الذهبية التى تحتفظ بها لمصاريف كفنها..... يخبرها معتذرا ويقطعه الالم اربا .. هيقتلونى .. الام تبكى.. تستسلم ..... لم يعد الموت يهم وابنها يكبلها بيديه....الابن فى لحظة تحوله الاخيرة يتراجع تحت وطأه دموع امه ، ونظرة عينيها التى ادرك انها ستطارده حتى الموت.

عادل يتحول الى فتوة حينا، الى مرشد للبوليس فى احيان اخرى، يبحث عن ابنه فى الحرام والذى تحول الى واحد من اولاد الشوارع واصبح هو ايضا له ابن حرام من اولاد الشوارع ليكمل سلسلة مستمرة بلا نهاية.. ثم يحيك عملية مع الشرطة ضد الارهاب ومع الارهاب ضد الشرطة يحاول ان يستفيد منها رغبة فى بداية جديدة بعيدة .... ولماذا لا ؟؟؟..ماذا فعلت له الحكومة، على رأى اللواء .. الحكومة ملهاش كرامة ..ليها هيبة.. الحكومة تقتاده للتعذيب حين تريد.. او تتركه لتستفيد منه كمرشد حين تريد.. اما كيف يأكل.. ماذا سيفعل... قوت يومه... مصيره فلا يهمها.. فلماذا لا يبيعها فى ثانية....

فى مشهد ارى انه حبكة الفيلم ... .. فتحى (عمرو عبد الجليل) فاكهة الفيلم... يسخر من رغبته السابقة فى الخلفة... يحكى بلغته البسيطة... انه يوما ما حدث حظر تجول ثم قرر وصديق له ان يتحدوا حظر التجول ونزلوا من بيوتهم فى الشوارع واخذوا فى السير هنا وهناك..... وكان الجنود ينظروا فى اتجاههم ثم يشيحوا بوجوههم كأن الريح تداعبهم فقط.. وكأنهم غير مرئيين .. وهنا ادرك ان امثالهم قدموا الى الحياة دون ان يراهم احد وسيخرجون منها دون ان يلحظهم احدا ايضا ...فتحى يقول: انا حمار .. كويس انى مبخلفش علشان عيالى كانوا هيبقوا زى مش باينين .. محدش شايفهم.... وغالبا فى البلد دى محدش هيشوفهم ابدا..

الفيلم اخراج وانتاج وتمثيل وديكور رائع.. بطل الفيلم الوجه الجديد يمثل الدور وكأنه ولد ممثلا ... يذكرنى كثيرا بأحمد زكى الله يرحمه.. ربما يفتقد قليلا لخفة دم احمد زكى وشخصيته المركبة العبقرية..ولكن تمثيله اكثر من رائع...
عمرو عبد الجليل وهالة فاخر فى ادوار عمرهم ... لهم مشاهد سوف تطبع فى ذاكرتى الى الابد..سمية الخشاب.. لا جديد الا انها اكثرت من مشاهد الرقص وبدل الرقص والى اخره..
بعض المشاهد الساخنة كانت مهمة للسياق الدرامى وبعضها اعتقد انه لم تكن لتؤثر على الاطلاق مثل مشهد الاغتصاب

الفيلم اكثر من رائع.. سوف يؤلمك جدا .. او ارجوان يؤلمك كما آلمنى... لماذا.. لاننى احسست بمسئوليتى الشخصية المباشرة....نعم انا مسؤولة عن الفقر وعن العشوائيات وعن اولاد الشوارع وعن الفساد وعن الدعارة وعن المثلية .. ايوة كلنا مسؤوليين.. كلنا ضنينا بوقتنا او مالنا او ثورتنا او غضبنا .. كلنا احتملنا ما فى حياتنا وفضلنا نسيان تواجد كل تلك المشاكل طالما كنا بخير وعلى ما يرام.. تركنا واحد معاه 60 مليار جنية ...وتركنا ملايين تجمع طعامها من زبالتنا...ثم ماذا.؟؟ لا اعلم؟؟ لا زلت افكر... كيف ابدأ وماذا سأفعل. وهل سأستطيع الاحتفاظ بهذا الغضب داخلى مدة تكفى لاتحرك؟؟ ربما..وربما اكتفى بنعمة اننى لست منهم وخلاص..