الثلاثاء، 9 يناير 2007

عدت


قررت ان اسافر رغم الموانع العديدة ... منها آلامى الجسدية المستمرة دون توقف.. ثورة امى التى كنت احاول دائما تجنبها رغبة فى رضائها وإرتياحى نفسيا لرضائها.. واشياء اخرى صغيرة.. لم يكن سفرا بالمعنى ولكنه كان انتقالا وقرارا بالابتعاد.. لم يكن هروبا ولكننى كنت اريد ان انسى عالمى كما اصبح يبدو لى وابدأ باى طريقة فى الايمان بأنه يوجد طريقا ونسيما مختلفا والوانا اخرى للاشياء
مضت شهور الآن وقد فقدت السيطرة على مزاجى.. اصبحت اكره نفسى.. كلما كتبت او تقابلت مع اصدقاء.. كلما سألنى احد عن احوالى .. ابدأ بالحمد لله وانتهى برواية نفس التفاصيل الكئيبة مرة بعد الاخرى حتى اصبحت مع نهاية كل حديث او كتابة بضعة اسطر اشعر برفضا شديدا لما اصبحت عليه وكرهت احساس الرثاء الذى يملأنى.. لا انكر اننى كنت دائما اكتب اكثر فى حالات الحزن او السكون لانهما اكثر ما يثير المشاعر الحقيقية للخروج وكتبت وكتبت حتى فاتنى ان ادرك اننى اصبحت كئيبة جدا فى كل ما اكتب.. صدقونى فى الحياة الحقيقية انا لست كذلك بالعكس... انا اصمد عادة فى احلك الظروف.. ولكننى فى الفترة الماضية شعرت بكسر ما فى روحى لا يماثله شئ.. شعرت ان الحياة هزمتنى هزيمة نكراء والغريب ان هذه اللطمة تعدت حدود التأثير لأى شئ حدث فى حياتى من قبل.. حتى فقدانى لأبى
وان كان قد احدث شرخا مزمنا داخلى ولكننى لم اكن يومها ولا فى اى يوم بهذه الانهزامية والحزن فى نفس الوقت
.. قررت ان آخذ فسحة من الوقت.. انظر لنفسى من بعيد.. اخبرها ان تتوقف.. ان تتوقف عن التفكير فى الماضى.. عن البكاء قبل النوم.. عن التفكير بلا راحة فى المستقبل.. عن القلق حول كل تفاصيل الحياة .. ان اتوقف .. اعطى ظهرى للوراء وابدأ من الصفر اذا تطلب الامر.اعرف اننى لن انتصر عليها قطعا تماما ولكننى على الاقل قد اسرق بعض السلام الذى اصبح نادرا فى حياتى.؟
هناك... اسير على امتداد الشاطئ .. ببطء ..فى خطوات قصيرة .. تغرق قدماى فى الرمال الباردة وارفعها فى صعوبة بالغة..حتى قدماى تبحث عن الغرق .. لا زلت افكر فى الماضى والمستقبل.. بعد عدة خطوات انتبه لصوت الامواج الرضيعة.. تتلاطم فى تتابع متزن.. يتخلل اذني....رغما عنى ان اردت. واحدة تلو الاخرى ثم تبدأ فى طرد كل الافكار من رأسى رويدا رويدا.. كل شئ الا صوت تلاطمها وكأنه السحر الفيروزى يسيطر على جزءا بعد الاخر ثم يملئ خلايا مخى وتفكيرى ويشل قدرتى على انتاج اى فكرة اخرى ليس لها مكان وسط التلاطمات الصغيره..
استمر فى السير.. فجأة اسمع صوت نباح يخرجنى قليلا من تركيزى فى المياة المندفعة فى لطف تبلل اطراف اصابعى.. اخاف من الكلاب منذ صغرى خوفا مرضيا.. اجد كلبا فى حجم اسد كبير يندفع نحوى.. اتسمر مكانى ويملأنى الرعب مثل كل مرة .. صاحبه يتبعه ويخبرنى الا اخاف وان سيمبا يريد ان يتشممنى فقط... اغمض عينى واشعر به يحوم حولى فى هدوء.. اتوسل الى صاحبه ان يبعده لاننى مرتعبة.. اعرف من وراء جفونى ان الرجل ينظر الى ياستغراب ..ينادى " سيمبا اتركها" اشعر ان سيمبا اخذ الموضوع بشكل شخصى واتبادل مع صديقه بعض الكلمات الصغيرة تبرر خوفى من هذا الاسد اللطيف.. اتبادل الحديث مع غريب للمرة الاولى منذ زمنا بعيدا... اسعد اننى كسرت العزلة قليلا. استمر فى السير... بعد بعض الوقت تندفع امواجى الصغيرة الى رأسى مرة اخرى وتغرقها فى نوبة من الاسترخاء.. الاحظ مئات الصخور الصغيرة على الشاطى.. ولا واحدة تشبه الاخرى.. الجبال تحيط بى فى قوة واعجاز.. الشمس تترنح وسط غيمات بيضاء كبيرة.. اشعر ان السماء قريبة منى جدا بخلاف القاهرة حيث اشعر ان السماء مستوردة من الجحيم... وبعيدة ورمادية..
هنا السماء زرقاء.. نعم زرقاء... تقطعها الجبال مجيئة وذهابا. انا وحيدة على الشاطى .. لا توجد غير امواجى الصغيرة وصخورى الملونة وغروبى المشتعل .. . اسير واسير حتى لم اعد ارى بدايتى.... اختار صخرة طوبية كبيرة اجلس عليها وامد بصرى الى الافق.. اشعر اننى اعرف الله من جديد... اتذكر بعض الايات .. كنت احفظ كثيرا من السور.. والآن لم اعد اتذكر شيئا.. ارتل ما اعرفه.. اشعر ان الايات لها صدى مختلف... الجبال والرمال والبحر يحيطان بى وانا لحظة بعد اخرى .. انتمى الى عالمهم وانحسر عن دنياى.. لا استطيع ان اصف ماذا حدث بالظبط.. كنت لا ازال افكر فى الماضى.. اجمع بعض الاحجار .. هواية اقوم بها لاتذكر المكان ... ادس فى جيبى جزءا من ذكراه وتكوينه... فى المنزل لدى احجار كثيرة.. بعض الورود السوداء من الصحراء تذكرنى وانا اداعب صدرك ونتشارك فى الاف النجمات فى ليلة ما ...اول رحلة رغما عن انف اسرتى الى شرم الشيخ... سانت كاثرين واشجار الزيتون... حديقة قريبا لى فى انجلترا كنت ارقص فيها تحت امطار اغسطس.. وغيرها
لازلت افكر اتخذ قرارات بالتوقف والاستمرار والابتعاد والسيطرة ...ثم فجأه توقفت

... توقفت عن الغرق فى ذكريات الماضى .. توقفت عن الاحساس المؤلم بالفقد والخسارة.. توقفت عن الاشتياق.. توقفت عن الحسرة.. وكأننى كنت سيارة مسرعة ضلت الطريق وتعطلت مكابحها وذهب الامل فى تجنب الصدام المروع ... ثم فجأة اوقفتها العناية الالهية.. كان الالم لا يزال يشتعل فى جسدى ولم يتوقف.. ولكن كل شئ اخر توقف.. ساعة بعد اخرى وانا فى موقعى لازلت... دون ان اتحرك... المد والجزر من حولى يتتابعان... الامواج الرضيعة تتغير سرعتها ولكنها لا تتغير.. البحر يسحب من تحت قدمى رماله ويدفع لى بالجديد مع كل موجه.. الهواء يرتطم بوجهى فى خفة.. الجبال تراقبنى والشمس تنحسر عن القمم الشاهقة واحدة بعد الاخرى وتحيلها الى اللون البرتقالى.. فالارجوانى ... فالأغمق والاغمق حتى يختفى النور ... اطلقت سراح جسدى وتتطاير خصلاتى فى خفة ...واغمض عينى وتتوقف سرعاتى بعد ساعات لم انشغل بمتابعتها... احسست برائحة الهواء تتغير داخلى ورئتاى تمتلئ بما يشبه الامل فى ما وراء الغروب الوردى.. لملمت حجارتى .. واشيائى الصغيره... فى تثاقل بدأت العودة... احسست بقدمى اخف فى الرمال وترقص بين الاحجار المتناثرة.. تلتقط عيناى لاول مرة الوانها المتباينة.. اسير ليلا على شاطئ مهجور وانوار بعيدة تدلنى على الطريق.. تتابعنى امواجى الرضيعة وكأنها تودعنى وتختزن شكلها وصوتها داخل عقلى
... سيمبا قابلنى فى العودة.. وفى الليل كان يبدوا وحشا حقيقيا ... فى صوت ثابت شعرت انه يخرج من شخص اخر.... سمبا انا اسفة بس انا مش بحب الكلاب... امشى .. لدهشتى ابتعد سيمبا وهو يجرجر اذيال خيبة وحزن..
وعدت

هناك 5 تعليقات:

المسافر يقول...

جميلة هي نتيجة الاسترخاء، فأنا أقرأ أسلوباً أكثر حرفية وأكثر قدرة على التعبير وأكثر مواجهة للنفس

أعجبني اختيار رمز الرمال التي تغرق فيها الأقدام والتي تعبر عن الأحزان والهموم والموجودة على الدوام لكنك في بادئ الأمر كنتي تغوصين فيها ثم انتهيت إلى أنك تطيرين فوقها وكان ذلك بقرار من نفسك أنت فالإنسان هو الذي يحدد متى يقهر الأحزان

وفي اعتقادي أن الكلب المتوحش وإن كنا نخاف منه إلا أن المواجهة وإن كانت في ظلمة الليل ورباطة الجأش تمنحنا قوة في طرد الأشباح والأفكار المخيفة التي تقبع في داخلنا وتطاردنا في نفس الوقت

الخلاصة 2 برافوو واحدة على الفكرة والمعالجة والثانية ....:)

Tigress يقول...

عزيزى. .اخر مرة اتكلمت معاى حسيت ان كفاية بأة.. لكن للاسف متقدرش تقول لنفسك كفاية وتكف بالفعل..
كالعادة لقطت اكثر صورتين استعملتهم
وصلتنى البرافو التانية.. ادعيلى افضل فوق شوية
مقولتش حاجة على الصورة ؟

المسافر يقول...

تعليقي على الصورة هو أنها مثل كتابتك ... تأتي دائما في العمق فهذه الصورة مباشرة جعلتني أقول من القلب تبارك الخلاق فيما خلق... فجمال الطبيعة المفرط ادى بك إلى عدم التحذلق في التصوير والذي قد يعتبره البعض ابداع ولكن الصورة المباشرة والتي لا محسنات بديعية فيها تعجز أمام إبداع الخالق فلا يمكننا التفلسف ولا اختيار زوايا مختلفة أو تأثيرات إضاءة أو مرشحات (فلاتر) أو غيره قد أختلف بعض الشئ في حجمها الموضوع في المقالة ولكنها ببساطة تختطف القلوب لما عبرت به عن هدوء النفس والحياة لمن يعبر تلك النقطة.

The new kid in the blogger يقول...

here I am checking more regularly and still searching inside myself for words to compete with you I enjoy competing with you actually I enjoy losing when you are the winner again lovely words princess and I miss you too.

Eman M يقول...

جامدة أوى دى
المرة الجاية اما نسافر سوا، لازم نفعد نكتب مع بعض