الثلاثاء، 3 أبريل 2007

اليوم هو اليوم الموعود
سعاد لها طقوس خاصة فى هذا اليوم.. تخطو نحو مرآتها الكبيرة .. اروع واهم ما فى غرفتها وتتنافر مع باقى اثاث غرفتها الصغيرة المتواضعة .
تتفحص محتويات دولابها الخشبى لاختيار ما يتناسب مع المهمة .. تختار الفستان الاحمر المحزق الذى يظهر صدرها العرم احد اهم مراكز قوتها الى جانب خصرها النحيل ويعكس بياض عيناها الواسعتين .
سعاد تعرف انها ليست جميلة ولكن الجمال ليس شرطا للجاذبية ، كانت لابد وان تبحث عن مواضع قوة تستطيع ان تستغلها فى مثل هذا اليوم...... اثقلت من الكحل حول عينيها لتزيد من وسعها.
واخيرا رشة من عطرها المفضل.. ينثر حولها هالة غير مرئية من الجاذبية ، ومعه تشعر بمن حولها يفقد التركيز فجأة وتنساب اعصابه فى استرخاء .
خلاص كله تمام.. انها مستعدة
انطلقت فى طريقها الى رفعت ... الجواهرجى.. قررت ان الوقت حان لتجمع تحويشة الشهر فى حتة دهب من عند رفعت كما تفعل فى كل شهر. رفعت صعب اوى فى الفصال.. ولذلك يحتاج عادة منها الى مجهود خاص.
تعمدت سعاد ان تذهب بدرى عن موعد الحاج رفعت فى المحل .. التأثير فى صبيان الحاج رفعت له فائدة تساوى الحاج رفعت نفسه
- سلامو عليكو يا فتحى
-وعليكم السلام يا سعاد هانم ايه النور ده ... كرسى يا علاء بسرعة ... تشربى ايه .. يمين تلاته بالله العظيم متكسفينى لغاية ما الحاج ييجى.

رفعت سعاد حاجبها المرسوم بعناية فى اندهاش مصطنع، ايه ده هو الحاج مجاش لسة .. طب مش جاى ولا ايه
ثم ختمت جملتها بصوت يحمل بعض الدلال الانثوي مع نظرات عميقة الى فتحى.. على العموم انت برضه يا فتحى فيك الخير والبركة وتسد وزيادة...

فتحى وقد اعرضت نواجذه وانتفخ كرشة الصغير قليلا ، ولمعت عيناه وهو لا يكاد يستطيع رفع نظره عن عيناى سعاد الواسعة العميقة ويحاول الاستغفار وتجنب النظر الى صدرها الممتلئ ثم يخطف نظرة من آن لآخر مقنعا نفسه انها النظرة الاولى ومفيش حاجة، ده ربنا جميل يحب الجمال
يا سعاد باشا أأمرينا..

- اخبار الدهب ايه يا فتحى.. وبصوت اقل خفوتا.. هتدفعونى كام فى الجرام النهاردة
- علشانك ببلاش وخلى عنك
اطلقت سعاد ضحكة مفتعلة مثيرة
وده كلام برضه... ثم مالت بجذعها ناحية فتحى ..
- قلى بينى وبينك... افاصل لكام مع الحاج
فتحى سقطت مقاومته.. نسى حتى المعوذتين وزكمته رائحتها العطره..
- لغاية 67 جنية فى الايطالى و85 فى السويسرى
-فى عقلها ..حسبت سعاد فى اقل من ثوانى معدودة هتشترى اى حتة من الدهب اللى فى الفاترينة وبقالها شهر بتدرسه وهتزود فى الفصال على السعر ده كمان 7 جنيه على الاقل.. واستطردت فى سرعة وضعف
- يالهوى انت عاوز تخرب بيتى ولا ايه يا فتوح
- والله ده ليكى انتى بس يا ست الستات
- ربنا يخليك ليا يا رب ، هو انا اقدر ادخل المحل ده من غيرك.. ادركت سعاد انها أخذت اخر فتحى وحاولت تغيير الموضوع فى سلاسة
طيب وانت ولادك عاملين ايه


-سلامو عليكو، انا برضك قلبى قاللى المحل منور بنور غير نور الدهب.
ينسحب فتحى فى هدوء محاولا تخزين عطر سعاد المثير داحل انفه
- اهلا يا حاج رفعت .. ازيك عامل ايه، بأه كده يبقى عندك حاجات جديدة ومتقوليش.
- المحل بتاعك يا ست الكل
- طيب ادينى الدلايات السويسرى اللى عندك
بالرغم انها لم تكن تريد دلاية النهادرة، ولكنها ادركت انها سوف تخصم كام جنيه عندما تأخذ رأى الحاج رفعت في الدلاية فى مواجهة صدرها
- ها ايه رأيك يا حاج فيها عليا
- هوه انتى فيه حاجة مش بتليق عليكى ...
- طيب ادينى الانسيالات... ودة بكام ده
- 100 الجرام علشان خاطرك
- يالهوى هوه خاطرى تمنه وحش كده ولا ايه
- اللى تأمرى بيه
- 75 .. ده انا حته هلبسه فى رجلى شوية وفى ايدى شوية علشان مجبش اتنين
- يا نهار ابيض .. خديهم من غير فلوس خالص بس 80 مينفعش خالص
(الحاج رفعت يحاول ان يجد فتحى ... لابد ان ينبهه ان العيال اللى فى المحل تاخد بالها.. سعاد ديه دايما تيجى عارفة اخر السعر)
- حاج رفعت.... متخليك معايا شوية
- انا معاكى اه يا ست الكل
- دفعت سعاد بكل طاقة الدلال والضعف الى صوتها ها .. هتزعلنى ولا ايه
- هوه انا اقدر برضه؟ طب خليها 90
- لأ يا حاج رفعت انت كده يظهر مش عاوزنى اروح مبسوطه
يحكى الحاج رفعت عن قصص الجمارك والسوق والمنافسة وازاى يا دوبك بيجيب اجر المحل والى آخره
تنتظر سعاد حتى ينتهى من كلامه الذى تسمعه فى كل مرة وتدرك انه فى هذه المرة اقوى قليلا عن كل مرة
- طب انا هقولك حاجة تنسيك الهم ده كله.. وقفت سعاد نصف وقفة ثم مالت الى اذن الحاج رفعت فى رقة دلع... وهمست هقولك اخر نكته.. كانت تعرف ان الحاج ربما لا يسمع النكته ولكنه يستطيع بالتأكيد رؤية الجيب العميق بين نهديها. .. وتملئ رائحتها انفه (::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::)
يقهقه الحاج فى صوت عالى وقد انتشى فجأه تحت تأثير افضل من اى سيجارة مخصوصة

فتحى محبط يتأمل من بعيد.. يتمنى ان يكون فى كرسى الحاج يوما ما .. كى يحكى قصص بنته وجهازها اللى مش عارف يلم تمنه .. والواد محمود اللى سقط تانى.. وتأتى سعاد لتحكى له نكتة تعمل فيه زى ما بتعمل فى الحاج كده......


سعاد.. تخرج بانسيال ودلايتين وغويشة .. وعلى وجها نظرة منتصرة وميلة جذعها فى الطريق تزداد قوة وثقة

هناك 16 تعليقًا:

قبل الطوفان يقول...

تلك الأسلحة السرية التي تدوخ كثيرين

لكن خيبة هؤلاء كبيرة لأنهم يشترون الوهم: عطر نفاذ..لمسة متواطئة ووعد ربما لن يتحقق

هل يساوي هذا تراجع الكبار؟ ..ربما

في عقد التسعينيات شهدت مصر بزوغ نجم امرأة كانوا يطلقون عليها اسم "سيدة القروض".. امرأة من نوع خاص.. تستطيع أن تأتي لرجل الأعمال بالقرض الذي يريده والموافقات التي يحلم بها من البنك.. مقابل عمولة مالية مناسبة
والنتيجة؟.. قروض طارت وأموال ضاعت ورجال أعمال يقيمون في لندن أو باريس أو واشنطن بـأموال المصريين

Shreif fahmy يقول...

عزيزتي سمر

بعد سلسلة من كتابتك في الفترة الأخيرة اللي أنا كنت متابعها ومش بعلق عليها كنت منتظر أنك تعملي refresh يعني بلغتنا أحنا يابتوع تكنولوجيا المعلومات F5

انا شايف أنك المرة دي تفوقتي على نفسك في سردك وكشفك للتفاصيل بالبراعة والاسترسال ده أعتقد انك في رؤيتك لشخصية سعاد تفوقتي بيها على الحاج رفعت لما يمسك العدسة ويحطها في عينه ويعرف بيها الدهب السليم من المغشوش

سؤال هي سعاد متجوزة؟!

Tigress يقول...

ياسر
كل الخطايا تأتى من انهزامنا امام نقط ضعفنا.. ربما تتنوع قوتها من مجرد ضعف انسانى فى امر لا يضر ضررا كبيرا.. او يزيد الامر وينقلب الضعف الى انهزام اما قيم واخلاقيات كبيرة.. ويصبح فتحى الذى يعمل عند الحاج هو المتحكم فى الفاترينة.. وتسقط مقاومته امام عطر سعاد او اى سعاد تستطيع ان تنشن على نقطة ضعف فنحى نقودا كانت او انهزام امام الانثى
ويجى الحاج رفعت يلاقى مصر قاصدى المحل فاضي وموكوس ولا فيه دهب ولا بلاتين ولا صفيح؟

Tigress يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
Tigress يقول...

عزيزى شريف
سعاد انسة وتبحث، وخد بالك عندها صيغة وحركات وفوق ده كله زى ما انت شايف، متمرسة فى استغلال الاسلحة الانثوية، يعنى هتتبسط
اما عن رفريش ،و الله انا كمان كنت ناوية اعمل تغيير، لكن لغاية دلوقتى معرفتش، يظهر انى اضعف من انى اتغير كليا، وهافضل رغم انفى زى ما انا. حبة فوق شوية وحبة تحت شوية.. لكن وضعى فى نفس النقطة

Enbee يقول...

اسمحيلي هذه المرة أنا أقول : يا سيدي على الدماغ المتكلفة ! :) .. على بساطة الحبكة وقصر مدتها الزمنية استطعت تكثيفها بشكل احترافي وخرجت من القصة كما تخرج الشعرة من العجين !! في سلاسة ونعومة تجعلنا بعد خروج سعاد من المحل نتابعها أثناء مشيها بدلال حتى بيتها وإلى أبعد من ذلك

أعجبني المزج بين فصحى الراوي وعامية الشخوص

تحياتي تحياتي

المسافر يقول...

واضح وجلي مدى التطور في الأسلوب القصصي الذي يقترب من الأسلوب الإذاعي والذي يتيح للمتلقي التخيل وإضافة التفاصيل الخاصة به ففي الإذاعة يكون الوسيط الوحيد هو الصوت أما في الكتابة النصية غالباً ما يحتاج الكاتب أن يسرد الكثير من الصفحات لتكوين الخلفيات وإعطاء فكرة عن الشخوص والمجتمعات التي تعيش فيها والظروف المحيطة سواءا من حيث ظرف الزمان أو المكان. أما هنا فلقد تخلصت الكاتبة من كل تلك القيود وطرحتها أرضاً ليتلقاها القارئ أو ليخترعها هو فهو الذي يتصور من خلال بعض الإيحاءات المكتوبة الكثير من التفاصيل المتعلقة بالشخصيات. وهو نوع من طرق الكتابة والذي لا يكون بنائها كالشكل الهرمي المعتاد لبناء الروايات من حيث تسلسل عرض المناخ العام إلى المكان والزمان والخلفيات النفسية بل تعمقت الكاتبة في تفاصيل دقيقة مباشرة للشخوص مثل العطر الفواح ومشاكل مجدي في همومه العائلية. الوصف الحركي الموجود يعطي بعداً تصويرياً وإن كان محدود ولكنه مؤثر.
في النهاية أعتقد أن هناك تطور بخطوات كبيرة في الاسلوب والطريقة والسرد وتلاحق الأحداث بالرغم من قصر المساحةالزمنية له وهو أمر صعب.

برافو

غير معرف يقول...

2 thumbs up
keep the good work

Tigress يقول...

عزيزى بركودا بك ...اشكرك شكر فظيع، ده تأثير اتنين تربتيزول + 4 اميجران ينتج عنهم واحد سعاد.. هى فى الحقيقة كانت مسابقة فاتنى معادها وكان مطلوب كتابة مشهد ابرام صفقة.. وبعدين الموضوع خرج عن السيطرة شوية
اشكرك شكر شنيع على التشجيع

Tigress يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
Tigress يقول...

مسافرى العزيز
قوللى بتعرف تنقد كده ازاى؟؟؟؟ ده مهارو ولا تعليم ولا ايه؟
على اى حال فى الحقيقة انا مقصدتش حاجة من ناحية اذاعية او هرمية او الكلام الجامد ده، لكن انا سعيدة ان قدرت اكتب حاجة من خيال ودى صعبة عليه دايما
شكرا

أسوور يقول...

سرد جيد كالعادة
باستمتع قوى ببويتاتك يا سمر
ما بتجيش عندى بقالك كتير ليه
لعل المانع خير

Dina El Hawary (dido's) يقول...

Good Work ya Samar .. I see great progress in your writings
kepp it up :D

Unknown يقول...

My Dearest Tigress,

Being one of the first people to have read your first story ever, I can but "An7any Taqdeeran" to the huge leap in your writing style. I feel that you've become totally free and bold and able to express whatever you truly feel or imagine!

Bravoooooo,

Myriam

Tigress يقول...

Myriam my dear, many thanks . Pray that i will get it back because im loosing it

حسن ارابيسك يقول...

الحقيقة
إنتهيت من قراءة قصتك القصيرة
وأنا اشعر بإختزالك لروايه طويله في هذه القصة القصيرة
الحقيقة فكرتينى بأبطال روايات نجيب محفوظ وباللغة التي تكتبينها
لكن ما لفت نظري فيها
أنه من الممكن معالجتها مسرحياً لنخرج منها بفصلين
فصل وبطلة روايتك في غرفتها
وفصل لمحل الذهب وهو يجمع كل ابطالك بداخله
إذن فلديك في كل فصل خط رئيسى لبطلة قصتك تستطيعين الخروج منه بخطوطك الصغيرة عشان تخدم على الخط الرئيسي
في روايتك القصيرة
أعجبتنى واللهي